عشر تفكرات أخرى في سورة البقرة

بسم الله، جمعت في تدوينة سابقة (عشر تفكرات في سورة البقرة) ، وحيث قد دنا منا شهر رمضان، شهر العيش مع القرآن الكريم، فهذه مجموعة أخرى من التفكرات المنثورة على أرجاء السورة:

(11)
عندما استسقى موسى لقومه؛ فجّر الله الحجر الذي ضربه موسى إلى اثنتي عشرة عينا، تماما كعدد الأسباط الذين كانوا معه! ولذلك قال بعدها (قد علم كل أناس مشربهم) مما يدل على مشروعية التنظيم لأجل ضبط الحقوق ومنع التنازع.

(12)
عندما حكى القرآن قصة السحر؛ بيّن الله أنه مهما يكن من شأنه، ومهما كانت قوته، فإنه لن يصيبَ المسحورَ ذرةٌ من الضر إلا بما يأذن الله بوقوعه (وما هم بضارين به من أحد إلا (بإذن الله)
فالعبرة بما شاءت حكمة الله وقوعه وليس بما أراده الساحر!
وهذا يبعث في القلب كمية اطمئنان وسكينة وتسليم لا يعلمها إلا من تدبرها

(13)
(الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا (إنا لله وإنا إليه راجعون)
في هذه الآية خلاصة مركّزة لفلسفة الصبر والتصبر!
١- أنت مملوك لله (إنا لله)، وهو يفعل في ملكه ما يشاء، إنك لست كيانا مستقلا بذاتك حتى تغضب وتعجب لعدم نفاذ رغباتك، هكذا بكل بساطة! وهذا علاج عميق لا سيما في عصر تمحور الإنسان حول ذاته، ولو طبقه المؤمن لتغيرت نظرته للحياة بالكامل.
٢- إنك راجع عما قريب لهذا الرب، وحينها يكون العوض عن كل ذرة ألم، وحينها تنسى كل شيء كأنه لم يمر بك بؤس قط!
اللهم اجعلنا ممن يردد هذا الذكر بقلبه ولسانه💔

(14)
(قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله (كم) من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة (بإذن الله)
كثيراً ما يحطّم القرآن قانون السببية المادية المجردة ليعلّق القلوب بالله!
وما أكثر ما تعظّم الحياة المادية المعاصرة قانون السببية وتوهّن تعلّق القلوب بالله.

(15)
(ولكن (اختلفوا) فمنهم من آمن ومنهم من كفر)
الاختلاف الجوهري الذي يعتبره القرآن مؤثرا في العلاقات بين البشر هو الاختلاف في الدين، أما ما سواه كالاختلاف العرقي واللغوي فلم تترتب عليه أحكام شرعية في الجملة.

(16)
(والوالدات يرضعن أولادهن)
دلت على حق الطفل في الرضاعة الطبيعية.
(حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)
دلّت على استحباب إكمال رضاعته حتى تبلغ العامين.
(وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن)
دلت على وجوب إطعام وكسوة أمه التي ترضعه حتى لو كانت مطلقة، وفاءً لحق الطفل في الرضاعة.
(لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده)
دل على حرمة اتخاذ الطفل وسيلة للمكايدة وملعبا لتصفية الحسابات بينهما.
(وعلى الوارث مثل ذلك)
دل على أنه إذا عدم الأب فينتقل الوجوب في الإطعام والكسوة إلى من يرث الطفل (تكافل اجتماعي)
(فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما)
دل على حق الطفل في أن تُتخذ القرارات الخاصة به بشكل جماعي ومشترك بين والديه، فلا يستأثر أحدهما باتخاذ القرار، وصدق من قال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)

(17)
هناك سر في هذه السورة لا تزال خفاياه مواربة عن كثير من المسلمين- بمن فيهم الصالحون- ألا وهو الاستعانة بالصلاة على ما يعرض للإنسان من صعوبات! (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر و( الصلاة) أي أن تواجه مشكلة في العمل- على سبيل المثال- فتستعين على حلها بركعتين! وهكذا.. وقد جرّب ذلك العديد من الناس فلاحظوا تيسيرا واضحا في شؤونهم، فلماذا لا تعطي نفسك فرصة!

(18)
(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور…)
مهما حاولوا إقناعك بأن كل الأمور رمادية، وبأن كل شيء قابل للاختلاف وإعادة النظر، سيبقى هناك (((ظلمات))) وهناك (((نور)))
يا ولي المؤمنين أخرجنا من هذه إلى تلك.

(19)
مهما قرأتَ في فضائل ذكر الله، فلن تجد فضيلة أشرف ولا أجمل ولا أوقع في النفس مما وعد به الله جل جلاله في هذه السورة حين قال (فاذكروني (أذكركم)
ثم تفكر مليا في البركات والألطاف التي تهبّ عليك حين تكون مذكورا عند خالق الأكوان ومدبر الأمور❤.

(20)
تخيّل أن يُشار إلى رجل ويُقال: هذا ممن (اختصّهم الله بفضله)
هل تتمنى أن تكون مثله؟
فإن الله يقول (يختص برحمته (من يشاء) أي أنه ليس بينك وبين الوصول لذلك إلاّ أن يشاء الله! وحتى تُفتح للقارئ أبواب الطمع في هذه المنزلة قال تعالى بعدها (والله ذو الفضل العظيم)👌🏻، فاللهم اجعلنا ممن اختصصتهم برحمتك.

خاتمة التفكرات (21)
لا يمكن لأي مسلم قرأ البقرة متدبرا قصصها أن ينظر إلى اليهود إجمالاً- وليس الصهاينة فقط- بنظرةٍ إيجابية! لا سيما أن بعض هذه الآيات تخاطب اليهود في زمن النبوة بأفعال أجدادهم في زمن موسى! مما يدل على أن صفاتهم البغيضة هي معايب عابرة للأجيال، وأن الأحفاد سائرون- ولا بد- على خطى الأجداد.

رابط الانضمام لمدونة متفكر على التيليجرام: https://t.me/mutafakker


اكتشاف المزيد من

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


رأيان حول “عشر تفكرات أخرى في سورة البقرة

  1. ** “انا لله” نحن صنيع الله و الانسان منا لا يفرط بشيء صنعه تو هو عائد له رحمة منه به فكيف الله و هو ارحم الراحمين

    ** واني ارجو من الله ان تكون كتابتك و قرائتنا مضمومه الى “فاذكروني اذكركم و اشكروا لي و لا تكفرون”

    ** “الله ولي الذين آمنوا يخرجه من الظلمات الى النور” ايه تحقيقيه تاكيديه فكيف لنا الا نحسن الظن بربنا اللهم ارزقنا احسان الظن بك

    ** من الايات التي تأسرني في سورة البقرة “وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم” لا يضيع عند الله عمل ابتغي به وجهه و لا حتى نيه حسنه سبحانه من رب عظيم

    ** ارجو منك يا استاذ نصيحه في تدبر القرآن مشكورا

    إعجاب

اترك رداً على د. عبدالله بن ياسين بخاري إلغاء الرد