حذاء أويس

بسم الله

ذهبت إلى المركز الطبي الجامعي مصطحبا طفلي أويس..

 وأويس في اللغة يعني: (الذئب الصغير)

وقبل نزولي من السيارة أخبرني أويس ذو الستة أعوام أنه يريد النزول إلى المركز الطبي حافيا بدون حذائه،

لأن هناك (حبة) في قدمه تؤلمه عند لبس الحذاء،

فكرت؛ فلم أجد أي مانع معتبر يوجب رفض طلبه،

فالأرض طاهرة- شرعا-،

 وأرض المركز الطبي على درجة عالية من التعقيم والنظافة،

وما من شوك في الطريق أو شيءٍ يُكره فأخشى عليه منه،

وهو طفل أيضا، فلا يُستقبح منه ما يستقبح من البالغين،

ثم إن سحنة طفلي أجنبية تماما، فالمظنون به وبأبيه أن يظننا الناس من الطلاب الوافدين، والغريب يقبل منه ما لا يقبل من المواطن،

وأنا لست شخصا مشهورا حتى أخشى من تبعات معينة في سمعتي أو نظرة الآخرين لي فأحتاط لها،

ناهيك عن أني شخص (يزعم) أنه متحرر فكريا من كثير من القيود الاجتماعية والعرفية،

ثم إن تجنيب أويس هذه الآلام أولى عندي من بعض النظرات المستغربة أو المعترضة التي سيرشقها بها زوار المركز الطبي،

إزاء ذلك لم أجد شيئا يستوجب إلزامه بالحذاء رغم إنذاره لي بالآلام،

ورغم كل ما سبق رفضت طلبه، ونزل وهو يجر قدمين مكبلتين بالحذاء،

 حاليا أشعر في داخلي بالتناقض بين ما فعلت معه  وبين ما يوجبه العقل، وأنا أدرك أن الإنسان كائن متناقض، والفرق بين البشر هو في كثرة التناقض أو قلته فقط، لذلك أحاول تقليل تناقضاتي لا أكثر..

وحتى أتجنب مرارة هذا الشعور سوغته لاحقا بالتبرير أنه ذكر، فلا بأس أن يخوض بعض التجارب مع الألم من باب التربية له على الرجولة والصبر😄

ثم زال تأنيب الضمير بعدما عرفت أن أمه طلبت منه لبس جورب قبل خروجنا من المنزل كحل للمشكلة لكنه (طنّشها)، وبالتالي أقول له بكل لطف وحنان: ذق عاقبة أفعالك يا قرة عين أبيك!

متفكر وهو ينتظر دوره في عيادة العظام🌹


اكتشاف المزيد من

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


3 آراء حول “حذاء أويس

  1. عجيبة قدرة الإنسان في خلق هذا الكم من المبررات تجوّز له تصرفاته وتجعل ضميره يرتاح تمااامًا🙂‍↔️ وهذا في أمر نعتقد صحته فكيف بأمر لا نعتقد فيه ذلك، بقدر ما يظهر من الخارج أنه امر فيه ذكاء ودهاء لكنه خطير بصراحة. احدى الطرق التي أراها فعالة في تقليل التناقضات هي تقليل المبررات، وربي يعيننا.

    إعجاب

اترك رداً على د. عبدالله بن ياسين بخاري إلغاء الرد